شباب المحامين العرب
منتديات شباب المحامين العرب ترحب بكم...اضغط على زر التسجيل لتصبح عضو معنا
شباب المحامين العرب
منتديات شباب المحامين العرب ترحب بكم...اضغط على زر التسجيل لتصبح عضو معنا
شباب المحامين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


يهتم بمد جزور التعاون, التعارف والصداقه بين شباب المحامين العرب في جميع انحاء الوطن العربي والعالم .تبادل المعلومات والخبرات القانونيه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
مكتب الأستاذ / إيهاب صلاح الدين الصباغ المحامي لدينا فريق عمل كبير متخصصون في جميع أنواع القضايا بكافة أنواعها المختلفة وفي مجال الشركات والعقود بكافة انواعها....ت محمول01225353163
خدمه الاستشارات القانونيه المجانيه يشرف عليها الاستاذ الدكتور محمد عمران المحامي ولا تشترط التسجيل في المنتدي فقط اترك رساله بالقسم وسوف نجيب عليها في اسرع وقت
مطلوب مشرفيين ومراقبيين ومحررين اخبار للعمل في المنتدي للتواصل اترك رساله للاداره في قسم الاداره
انضم الي جروب شباب المحامين العرب علي الفيس بوك علي الرابط الاتي https://www.facebook.com/group.php?gid=381923944424
رفع الحصار الكامل عن اهل غزه واقامه دوله فلسطنيه مستقله عاصمتها القدس
مكتب الأستاذ/حسام عبد الصمد المحامي للإستشارات القانونيه وأعمال المحاماه . ت محمول01141763109_ 01220837208 EMAIL:HOSSAMABDELSAMAD@YAHOO.COM
المواضيع الأخيرة
» الطلاق أم الخلع
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالإثنين أبريل 15, 2013 10:22 am من طرف نعمان الحافظ

» سؤال قانوني
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالخميس ديسمبر 22, 2011 3:17 pm من طرف eess

» الطعن بالتزوير بأوراق عرفية
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالثلاثاء سبتمبر 06, 2011 2:22 am من طرف نعمان الحافظ

» العقد الصوري
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالثلاثاء سبتمبر 06, 2011 2:13 am من طرف نعمان الحافظ

» برنامج الاتصال المجاني الي تلفون ثابت , محمول ,. موبايل
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالإثنين أغسطس 08, 2011 5:39 am من طرف el hakam

» اعلنت مؤسسة الخرافى الكويتية عن منحة لتوفير 5 الاف فرصة تدريب مجانا تماماً لشباب مصر لتقليل البطالة وتاهيلهم لسوق العمل
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأحد يوليو 17, 2011 12:08 pm من طرف smsma

» مطلوب محامية السودان
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأربعاء يوليو 13, 2011 11:40 am من طرف wacamnet

» تعلن لجنتي تكنولوجيا المعلومات والتطوير ولجنة الاعلام بنقابة الجيزة الفرعية عن عقد أول وأكبر دورة في مجال الطب الشرعي في تاريخ نقابة المحامين لمدة يومين متتاليين من 29 يونيه وحتي 30 يونيه 2011
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأربعاء يونيو 22, 2011 5:28 pm من طرف heba2010

» اعلان هام ولفترة محدودة
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأربعاء يونيو 22, 2011 10:12 am من طرف heba2010

» النص الكامل لطرد الحرس الجامعي
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 17, 2011 2:41 am من طرف heba2010

» قانون الجنسية العراقية رقم (26)لسنه 2006
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 3:04 am من طرف imad

» قانون حق المؤلف العماني
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 3:02 am من طرف imad

» نظام السياحة السعودى
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 2:57 am من طرف imad

» قانون مُكافحة الرشوة السعودي
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 2:54 am من طرف imad

» نظام المحاماة السعودي
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 2:50 am من طرف imad

» قانون التحكيم السوداني
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 2:37 am من طرف imad

» مرسوم مؤقت قانون الجنسية السودانية لسنة 1993م
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 2:35 am من طرف imad

» عاجل للاهميه
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 10, 2011 1:53 am من طرف Ø§Ù„مصري

» لأول مرة: درجة المستشار في التحكيم الدولي
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأحد يونيو 05, 2011 12:08 am من طرف دكتور أحمد أبوزيد

» قانون تنظيم القضاء الكويتي
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالجمعة يونيو 03, 2011 12:18 pm من طرف imad

مواضيع مماثلة
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم

 

 حكم القانون فى مواجهة الإرهاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الصباغ
Admin
الصباغ


العمر : 41
عدد المساهمات : 953
تاريخ التسجيل : 23/03/2010
الموقع : مصر

حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Empty
مُساهمةموضوع: حكم القانون فى مواجهة الإرهاب   حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأربعاء يونيو 16, 2010 1:49 am

للدكتور أحمد فتحي سرور
أستاذ القانون الجنائي
رئيس مجلس الشعب

(القاهرة : سنة 2007)
ـــــــ


مقدمة
ـــــ
الإرهاب ليس ظاهرة جديدة وليس بفكرة لها طبيعة قانونية بحتة . وقد أصبح لها واقع سياسى واجتماعى فى كثير من الدول مستمدا مصدره من جوهر المفاهيم السائدة فى المجتمع الذى يعيش فيه . وقد أدى انتشار الإرهاب إلى أن يصبح العنف واجهة رئيسية فى هذا العالم تهدد الأمن والسلام وتعرض الاستقرار للخطر . وقد آثار انتشار الإرهاب فى الآونة الأخيرة وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر سنة 2001 فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى زيادة الاهتمام بمواجهة هذه الظاهرة . وظهرت على السطح تساؤلات كثيرة ومحاولات خاطئة لربطه بالإسلام ، أو تعليله بتمرد ضحايا العولمة والمجتمع الغربى ، أو بأنه بداية " صدام الحضارات" كما أسماه هانتيجنتون ، أو الربط بينه وبين أساليب المافيا والعصابات لتحقيق مصالحها .
ولقد أدى الغموض الكبير الذى يتسم به مفهوم الإرهاب إلى الإحساس بالقلق الشديد لمواجهة هذه الظاهرة ، الأمر الذى دعا إلى محاولة وضع تعريف للإرهاب يمكن فى ضوئه الانطلاق إلى تحديد أساليب المواجهة للوقوف بحزم فى مواجهة ترويع السلطة والسكان المستهدفين.
ويلقى الإرهاب نوعين من التحديات ؛ تحديات أمنية تتعلق بالأخطار التى تنبعث منه على الأمن والنظام العام ، وتحديات تتعلق بحقوق الإنسان خشية التضحية بها عند مواجهة التحديات الأمنية. لهذا كانت مواجهة الإرهاب من الموضوعات القانونية الشائكة التى يهتم بها القانون . ولا يقتصر الأمر على القانون الداخلى فحسب ، بل يمتد إلى القانون الدولى ذاته .
ويقتضى الأمر تحديد حكم القانون فى مواجهة الإرهاب ، لحسم التحديات المختلفة التى تكتنف هذه المواجهة . وقد رأينا فى هذا المقام تقسيم هذا البحث إلى ثلاثة فصول : (الأول) فى الإطار القانونى لمواجهة الإرهاب ، لتحديد المفاتيح القانونية التى تنطلق منها المواجهة وتحديد المسرح القانونى الذى تتم المواجهة على أرضه . و(الثانى) فى السياسة الجنائية لمواجهة الإرهاب . وهو ما تطلب تحديد البعد الدولى لهذه السياسة الجنائية ، ومفاهيم كل من الشرعية الدولية والشرعية الدستورية التى تحكم هذه السياسية الجنائية ، ثم عرض بعض الجهود الوطنية لرسم السياسة الجنائية لمواجهة الإرهاب . و(الثالث) فى التوازن بين المحافظة على الأمن وحماية حقوق الإنسان . ويتناول هذا الفصل الأخير الأساس الشرعى لهذه المواجهة ، ويقدم حلا لمعيار التوازن مستمدا من القضاء الدستورى وهو اعتناق مبدأ الضرورة والتناسب لإقامة التوازن المنشود . وفى إطار هذا التوازن نعرض فى هذا الفصل وسائل مواجهة الإرهاب ما بين المنع والقمع والنظام الاجرائى .
إن المقصود بهذا البحث ليس تقديم حلول قانونية لظاهرة الإرهاب وليس شرح قانون معين ، بل على العكس من ذلك فإن الهدف هو محاولة وضع نظرية عامة لهذه المواجهة لوضع ضوابطها القانونية لتكون محل الاعتبار عند تحديد الأحكام القانونية لمواجهة الإرهاب .

الفصل الأول
الإطار القانونى لمواجهة الإرهاب
ــــــــ
1- التحديات المختلفة للإرهاب :
عُرفت ظاهرة الإرهاب منذ القرن التاسع عشر وتعددت أشكالها واختلفت باختلاف الزمان والمكان وتنوعت باختلاف البواعث والأسباب . وقد ازداد تصاعد خطورة الإرهاب منذ منتصف القرن العشرين حيث انتشرت العولمة فأصاب التحول كثيراً من المجتمعات وغزتها ثورة المعلومات وتقدم التكنولوجيا ، وتحققت سهولة انتقال الأشخاص والأمـوال ، مما قضى على المسافات بين الدول . وقد زامن هذه المتغيرات وقوع كثير من الأزمات السياسية فى بقاع كثيرة من العالم وخاصة فى البلقان والشرق الأوسط.
وبينما كان العالم ينشد الرخاء والاستقرار من خلال نظام اقتصادى دولى جديد ، جاء الإرهاب لكى يعرض الأمن والاستقرار للخطر لا فى المجتمع الوطنى فحسب بل فى المجتمع الدولى بأسره ، وحمل فى جنباته شكلا جديدا من الإجرام المخيف صاحبه استخدام وسائل تكنولوجية حديثة أو بالغة التعقيد فى بعض الأحوال .
ومنذ نهاية القرن العشرين وبداية هذا القرن لعبت ظاهرة الإرهاب دورا فى الحياة السياسية على المستوى الدولى مما دفع إلى التساؤل عـن الأهداف التى يبغيها الإرهاب فى الحياة السياسية المعاصرة ، وخاصـة فى ضوء أحداث 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة و 7 يوليو فى بريطانيـا و11 سبتمبر فى أسبانيا و 11 يوليو فى بومباى بالهند. وهو تساؤل لم يظهر على السطح عندما بدت نظم الحكم الإرهابية الوطنية ومارست الإرهاب على السكان الوطنيين كما فى فرنسا فى عصر روبسبير، وفى الاتحاد السوفيتى فى عصر ستالين.
وقد ألقى الإرهاب تحديات مختلفة على كاهل الدول لمواجهة الإرهاب . ومن هذه التحديات البحث عن أسبابه لمواجهته جذريا لا لتبرير وقوعه، وازدياد الحاجة إلى البحث عن وسائل تحول دون وقوعه. وتحت تأثير الاعتقاد بوجود أسباب اجتماعية وثقافية للإرهاب زادت الدعوة إلى الحد من الهجرة والبحث عن ضمانات لاندماج المهاجرين في المجتمع لكفالة التفاعل الثقافي الاجتماعي الديني داخل المجتمع الواحد. كما اشتدت الدعوة إلى الحوار بين الثقافات وسط زعم قائل بوجود صراع فيما بينها.
كما ألقى الإرهاب بعواقبه الوخيمة تحديات سياسية وأمنية واقتصادية، وخاصة في ضوء الالتزام الدولي بهذه المواجهة ، مما يتعلق باستقرار البلاد وأمنها وبحماية القيم الديمقراطية وحرية التعبير بعيدا عن استخدام العنف.
وتحت تأثير أحداث الإرهاب وتحدياته أصدر مجلس الأمن قرارا ملزما للدول تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة بشأن مكافحة الإرهاب هو القرار رقم 1373 في 28 سبتمبر سنة 2001 دعا فيه الدول الأعضاء إلى الانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالإرهاب.
2- التحديات القانونية لمواجهة الإرهاب:
تتطلب مواجهة الإرهاب التعامل مع التحديات التي تمليها دولة القانون، ومتطلبات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان. وهى تحديات تنبعث من مبادئها مضافا إليها قيم العدالة. ولهذا احتلت جريمة الإرهاب جانبا مهما من مسئوليات النظام القانوني. وقد ارتكزت هذه المسئولية في القدرة على التوازن بين متطلبات المبادئ الأساسية للقانون والديمقراطية وحقوق الإنسان وإعلاء قيم العدالة، ومتطلبات مكافحة الإرهاب فى منع الجريمة أو العقاب عليها. ولم تعد التحديات القانونية لمواجهة الإرهاب قطاعا منفصلا عن غيرها من التحديات ، بالنظر إلى أن عالمية حقوق الإنسان وقيم الديمقراطية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من قيم المجتمع الدولى بحكم الشرعية الدستورية فى دساتير مختلف الدول، مما جعلها إطاراً لا يمكن تجاوزه لمواجهة الإرهاب بكافة وسائله أيا كان التكييف القانونى للإرهاب. وهو ما يجعل التحديات القانونية فى مواجهة الإرهاب ركنا ركينا فى المواجهة الشاملة للإرهاب على اختلاف أنواعها وأبعادها .
ولا تقتصر التحديات القانونية للإرهاب على القانون الداخلى فى المجتمعات الوطنية ، بل تمتد إلى القانون الدولى في المجتمع الدولي، بما فى ذلك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي.
ولهذا عنيت الأمم المتحدة بوضع إستراتيجية لمواجهة الإرهاب بمقتضى القرار الذي اتخذته جمعيتها العمومية في 8 سبتمبر سنة 2006 وملحق هذا القرار الذي يتضمن خطة العمل.
ويعتبر هذا القرار علامة فارقة سجلت لأول مرة موافقة جميع الدول على وضع إستراتيجية لمكافحة الإرهاب. وتمثل هذه الإستراتيجية الإطار العالمي الأول لمواجهة الإرهاب. وقد دعت هذه الإستراتيجية الدول الأعضاء للعمل مع نظام الأمم المتحدة لتطبيق خطة العمل التي تتضمنها الإستراتيجية. وقد أدمجت هذه الإستراتيجية معايير حكم القانون عند تنفيذ وثائق الأمم المتحدة المتعلقة بالإرهاب. وقد أنشئت في نطاق الأمم المتحدة لجنة لمواجهة الإرهاب (Counter- Terrorism Committee) طلبت من مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة في فيينـا وضع إرشادات للدول عند تشريع وتطبيق وسائل محاربة الإرهاب. وتنفيذا لذلك وضع المكتب سنة 2006 قائمة بالإرشادات تضمنت ثلاثة أقسام: الأول في الأعمال المجرمة، والثاني في الوسائل التي تضمن التجريم الفعال، والثالث في القانون الإجرائي، والرابع في وسائل التعاون الدولي في المسائل الجنائية. ووضع المكتب في نهاية الإرشادات مشروع قانون ضد الإرهاب. وطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2006 من مكتب المخدرات والجريمة في فيينا بالاستمرار في جهوده لمد الدول الأعضاء بالمساعدة الفنية – بناء على طلبها – لدعم التعاون الدولي في مجال منع ومحاربة الإرهاب مـن خلال تسهيل التصديق على الاتفاقيات والبروتوكولات العالميـة المتعلقـة بالإرهاب وتطبيقها – وذلك لتقوية نظم عادلة وفعالة للعدالة الجنائية، وتدعيم حكم القانون، باعتبار ذلك عنصراً لا يتجزأ من أية إستراتيجية لمواجهة الإرهاب. وقد قام المكتب بإعداد ورقة عمل بشأن هذه المساعدة تتكون من قسمين: الأول في مسئولية الدولة في الحماية ضد الإرهاب، والثاني في نطاق وعناصر إستراتيجية العدالة الجنائية والتي تكافح الإرهاب. وفي مايو سنة 2007 نظم مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة في فيينا ندوة حول تطبيق إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.


3- تعريف الإرهاب:
يفيد تعريف الإرهاب في تحديد نطاقه القانوني فهو إما أن ينصرف إلى سلوك يباشره الأفراد أو يشير إلى سلوك ترتكبه جماعات معينة أو تباشره الدولة. ويفيد تعريف الإرهاب في تحديد نوع رد الفعل القانوني تجاهه على المستويين الوطني والدولي. وفى غمار البحث عن هذا التعريف ثار العديد من المشكلات فى ضوء تضاعف أعمال الإرهاب فى الآونة الأخيرة أدت إلى المزيد من التعمق عند البحث فى تعريف الإرهاب [1] وقد أدى ذلك إلى التساؤل عما إذا كانت التعريفات الواردة فى الوثائق الدولية صالحة لمواجهة الإرهاب ومتلائمة مع المبادئ الأساسية للقانون وخاصة القانون الجنائى. كما ارتفع التساؤل فيما إذا كان استخدام وسائل معينة تثير الرعب فى النزاعات المسلحة يعتبر إرهابا، وعما إذا كان المحاربون من أجل التحرير والاستقلال يعتبرون إرهابيين. وتضاعفت المشكلات فى ضوء الاستخدام المفرط للوسائل العسكرية فى مواجهة بعض أعمال الإرهاب وما تخلله من قتل بغير محاكمة قضائية Extra-Judicial killing وتجاهل بعض الممارسات للالتجاء إلى القانون الجنائى فى هذه المواجهة .
ويتطلب حل هذه المشكلات عدم الوقوف عند تعريف الإرهاب بل التصدى بالبحث عن تكييفه القانونى.
ويتطلب تعريف الإرهاب على المستوى الوطنى موقفا تشريعيا يتخذه المشرع الوطنى عند مواجهته للإرهاب. ويتحدد هذا الموقف فى ضوء أركان الإرهاب التى يتطلبها المشرع لوقوع الإرهاب حتى يقع تحت طائلة العقاب الجسيم الذى يحدده التشريع، ولكى يخضع للنظام الإجرائى الذى نص عليه المشرع.
وقد قدم المشرع المصرى فى قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 97 لسنة 1992 تعريفا للإرهاب فى المادة 86 إذ نصت على أن " يقصد بالإرهاب فى تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع، يلجأ إليه الجانى تنفيذا لمشروع إجرامى فردى أو جماعى، بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو
حرياتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو بالمبانى أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لأعمالها، أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح".
وواقع الأمر فإن تعريف الإرهاب يعد من المسائل القانونية التى يرتكز عليها النظام القانونى الذى يخضع له سواء من الزاوية العقابية أو الزاوية الإجرائية. وأيا كان المنهج الذى يعتنقه المشرع الوطنى فى هذا التعريف إلا أنه يجب أن يضع فى اعتباره العناصر المتغيرة التى تحكم هذا التعريف [2] .
4- العناصر الواجب توافرها فى الإرهاب :
تتمثل أهم هذه العناصر فيما يلى:
(1) العنف الذى يصيب الحياة وأمن الأشخاص أو الأموال أو تعريضها للخطر على وجه يشيع الرعب.
(2) القصد من ارتكاب العنف وهو إشاعة الرعب بين الناس والإخلال بالنظام العام أيا كانت دوافعه سياسية كانت أو أيديولوجية أو اقتصادية.
(3) تحديد المجنى عليهم ومدى اشتراط أن يكونوا من المدنيين فقط. فعلى سبيل المثال تطلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قرارها الصادر سنة 1999 أن يهدف الإرهاب إلى التسبب فى إلحاق الموت أو الجرح الجسيم بالمدنيين. هذا بخلاف قرار مجلس الأمن رقم 1566 الصادر فى أكتوبر سنة 2004 فقد أشار إلى الأعمال الإرهابية التى تقع على ضحايا من بينهم المدنيين. ولا زال هذا العنصر محل خلاف عند تعريف الإرهاب. إلا أن اتفاقية جنيف لسنة 1949 نصت على تحريم أعمال الإرهاب ضد الأشخاص المحميين بهذه الاتفاقية، ونص بروتوكولها الأول فى المادة 51 على منع أعمال العنف أو التهديد التى تستهدف أصلا نشر الرعب بين السكان المدنيين مما يعنى أن الإرهاب قد يصيب المدنيين أو المتحاربين سواء بسواء دون إخلال بإخضاعه فى ذات الوقت لقانون الحرب المتمثل فى اتفاقيات جينيف .
(4) مدى اشتراط سقوط عدد كبير من الضحايا، ومدى اشتراط التنظيم فى مرتكبى الإرهاب.
5- الجهود الدولية لتعريف الإرهاب :
وقد كانت اتفاقية جنيف حول الإرهاب الصادرة عن عصبة الأمم المتحدة سنة 1937 على أثر اغتيال الملك الكسندر الثالث ملك يوغسلافيا ووزير خارجية فرنسا في مارسيليا سنة 1934. قد تولت تعريف الإرهاب، إلا أن هذه الاتفاقية لم تطبق بسبب عدم استيفاء النصاب المطلوب للتصديق. وساهم في عدم الإقبال على التصديق أن هذه الاتفاقية اقترحتها فرنسا عندما رفضت ايطاليا تسليم المتهمين بارتكاب الجريمة بدعوى أنها جريمة سياسية.
وقد حاولت منظمة الدول الأمريكية سنة 1971 وضع مشروع لاتفاقية لمحاربة الإرهاب ضمنته صياغة لتعريف عام للإرهاب؛ إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل. إلا أن ذلك لم يمنع الولايات المتحدة من الاستمرار في مناقشة الموضوع فاقترحت سنة 1972 مشروع اتفاقية لقمع ومعاقبة بعض أعمال الإرهاب الدولي. وقررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 3034 لسنة 1972 إنشاء لجنة خاصة بالإرهاب الدولي لفحص هذه المسألة من جميع نواحيها [3]. إلا أن هذه اللجنة عجزت عن تقديم تعريف للإرهاب في تقاريرها المقدمة فى عامى 1973 و1979. واتضح اعتبارا من تقرير اللجنة سنة 1973 انه على الرغم من أن كل الأمم أرادت تجريم الإرهاب، إلا أن كثيرا من الدول فسرت الإرهاب الدولي بطريقة مختلفة. فبينما أرادت كل دولة أن تعتبر الأعمال الإرهابية خرقا للقانون إلا أنها أرادت أن تقصر ذلك على الأعمال التي تمس سيادتها الوطنية. بالإضافة إلى أن مناقشة استبعاد النزاع المسلح الذي يصدر عن قوى التحرير الوطنية من تعريف الإرهاب حال دون أى تقارب في تعريف الإرهاب. وجاء تقرير اللجنة الخاصة سنة 1979 خاليا من أى تقدم في تعريف الإرهاب. واقتصر الأمر على صدور قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1979 يدعو الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزاماتها وفقا للقانون الدولي من حيث الامتناع عن التنظيم أو التشجيع أو المساعدة أو الاشتراك في أعمال إرهابية ضد دولة أخرى. وبعد عشر سنوات من ذلك، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1985 القرار رقم 61 الذي دعت فيه إلى تجريم الأعمال الإرهابية بغض النظر عن دوافعها. وفي سنة 1987 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 159 دعت فيه السكرتير العام إلى إعداد تقرير حول إمكان عقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب والتمييز بينه وبين الكفاح من أجل التحرير الوطني، وقد تضمنت تقارير السكرتير العام دعم عدد من الدول لتعريف الإرهاب والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي بشأنه.
ومن ناحية أخرى بذلت لجنة القانون الدولى جهوداً مضنية فى سبيل تعريف جريمة الإرهاب بوصفها جريمة ضد السلام . وجاء النظام الأساسى للمحكمة الدولية الجنائية فخلا من التعرض لجريمة الإرهاب. كما خلا منها النظام الأساسى للمحكمة الدولية الجنائية الخاصة بيوغسلافيا السابقة، بخلاف النظام الأساسى للمحكمة الدولية الجنائية الخاصة برواندا، فقد تضمن فى مادته الرابعة الأعمال الإرهابية ضمن ما يدخل فى اختصاصها دون إعطاء أى تعريف للإرهاب .
وفى عام 1996 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورتها الواحدة والخمسين القرار رقم 210 بإنشاء لجنة خاصة من أجل وضع عدد من الوثائق الدولية ضد الإرهاب ، وبالأخص وثيقة عامة لمكافحة الإرهاب. وقد حاولت هذه اللجنة الخاصة وضع اتفاقية عامة حول الإرهاب الدولى على أساس مشروع قدمته الهند سنة 1996 وروجع سنة 2000 ، وعلى هذا الأساس تكونت مجموعة عمل لوضع تدابير تهدف إلى التخلص من الإرهاب الدولى . إلا أن المناقشات التى دارت حول هذا الشأن أبرزت عدداً من المشكلات السياسية والأيديولوجية والقانونية حول عدم وجود تعريف للإرهاب يمكن في ضوئه تحديد نطاق هذه الاتفاقية، وخاصة فيما يتعلق بالتمييز بين الإرهاب وبين المكافحة المشروعة للشعوب أثناء ممارسة حقوقها فى تحديد المصير والدفاع الشرعى ضد العدوان والاحتلال. كما ثارت مشكلات قانونية حول التسليم بما سمى بإرهاب الدولة . وقد أدى ذلك إلى عدم الوصول إلى وفاق عام يسمح بوضع اتفاقية دولية عامة حول الإرهاب الدولى .
وعلى الرغم من تعثر جهود المجتمع الدولى نحو عقد اتفاقية عامة حول الإرهاب ، فقد نجح المجتمع الدولى حتى الآن من الناحية العملية فى مواجهة بعض أعمال الإرهاب من خلال عقد 13 اتفاقية وبروتوكولا دوليا لمواجهة أعمال الإرهاب تتمثل فيما يلى :
- ثلاث اتفاقيات بشأن قمع الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الطيران المدنى وهى :
1- اتفاقية بشأن الجرائم والأعمال الأخرى التي تمت على متن الطائرة (1963).
2- اتفاقية بشأن مكافحة الاختطاف غير المشروع للطائرة (1970).
3- اتفاقية بشأن مكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الطيران المدني (1971).
- اتفاقيات اخرى:
4- اتفاقية بشأن مكافحة ومعاقبة الجرائم ضد الأشخاص المحمية بما في ذلك الممثلين الدبلوماسيين (1973) وذلك على أثر اغتيال رئيس وزراء الأردن وقتل عدد من الدبلوماسيين السودانيين .
5- الاتفاقية الدولية ضد خطف الرهائن (1979) .
6- اتفاقية بشأن الحماية ضد المواد النووية (1980).
7- بروتوكول بشأن مكافحة أعمال العنف في المطارات (1988) التى تخدم الطيران المدنى الدولى.
8- اتفاقية بشأن مكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية (1988)، وذلك كرد فعل لاختطاف الباخرة (أكيلا لاورو Achille Louro) وقتل أحد ركابها.
9- بروتوكول لمكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الأرصفة المثبتة في الجرف القاري (1988).
10- الاتفاقية الدولية لقمع الاعتداءات الإرهابية التى تستخدم المتفجرات البلاستيكية (1991) .
11- الاتفاقية الدولية لقمع الإرهاب بواسطة إلقاء القنابل (1997) وتغطى هذه الاتفاقية استخدام كل الاعتداءات الإرهابية بواسطة أسلحة الدمار الشامل.
12- الاتفاقية الدولية بشأن تمويل الإرهاب (1999).
13- الاتفاقية الدولية لقمع الإرهاب النووى (2005) .
وتمثل هذه الاتفاقيات فى مجموعها قانونا دوليا لمكافحة الإرهاب.
وبجانب الاتفاقيات الدولية وجدت اتفاقيات أخرى على الصعيد الإقليمى مثل الاتفاقية الإقليمية لجنوب آسيا حول مكافحة الإرهاب الموقعة سنة 1987 والمعمول بها سنة 1998 ، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الموقع عليها سنة 1998 التي تبنت تعريف الإرهاب الذي أخذ به قانون العقوبات المصرى، واتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامى حول مكافحة الإرهاب الدولى سنة 1999، واتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية حول مكافحة الإرهاب سنة 1999، واتفاقية شنغهاي لمكافحة الإرهاب سنة 2001 ، كما أصدر مجلس اتحاد أوروبا قراراً فى 13 يونيه سنة 2002 وضع فيه إطاراً عاماً لمكافحة الإرهاب، وقد تضمنت المادة الأولى من هذا القرار تعريفا تفصيليا لجرائم الإرهاب التى طالبت الأعضاء بتضمينها فى القوانين الوطنية والأوروبية. وقد عنى هذا القرار بتحديد الأعمال الإرهابية التى ينطبق عليها وصف الجرائم الإرهابية، وطالب الدول الأعضاء باتخاذ التدابير اللازمة لضمان أن هذه الأعمال تعتبر جرائم وفقا للقانون الوطنى والتى تؤدى بسبب طبيعتها أو مضمونها إلى إلحاق الضرر بالدولة وبالمنظمة الدولية متى كانت قد ارتكبت بقصد أحداث الرعب الجسيم بالسكان أو إكراه حكومة أو منظمة دولية للقيام بعمل أو امتناع عن عمل، أو إحداث انقلاب أو تدمير النظام الأساسى السياسى أو الدستورى أو الاقتصادى أو الاجتماعى للدولة أو لمنظمة دولية.
وفي هذا السياق أصدرت جمعية الاتحاد البرلماني الدولي الثانية عشرة بعد المائة في مانيلا سنة 2005 قرارا يوصى فيه كافة البرلمانات بوضع تعريف دقيق لطبيعة ظاهرة الإرهاب وخصائصها الحقيقية بغرض التمكن من مواجهتها.

6- التكييف القانون للإرهابى:
تنازعت التكييف القانونى للإرهاب ثلاثة أوصاف قانونية؛ الأول يعبر عن وجهة نظر المشرع الوطنى ويعتبر الإرهاب جريمة جنائية قائمة بذاتها . والثانى يعبر عن وجهة نظر المجتمع الدولى ويعتبر الإرهاب جريمة دولية . والثالث يعبر عن قرار سياسى داخل المجتمع الدولى ، ويعتبر الإرهاب نزاعا مسلحا يواجه بالحرب .
ويخضع الوصف الأول للإرهاب للشرعية الدستورية التى تحكم القانون الوطنى . بخلاف الوصفين الثانى والثالث فيخضعان للشرعية الدولية المتمثلة فى أحكام القانون الدولى .
وفيما يلى نعرض لهذه الأوصاف القانونية :
7- (أولا): الإرهاب جريمة جنائية وطنية :
يرى المشرع الوطنى أن الإرهاب جريمة جنائية نظرا لما يتوافر فيها من أبعاد مختلفة من الجرائم، مثل القتل واستخدام المفرقعات، والاغتصاب، والسطو والسرقة والإتلاف. فهى على هذا الأساس جريمة فوقية تتميز بالعنف الذى وصفه البعض بأنه من خصائص الحرب أو النزاع المسلح.
ويتطلب التكييف القانونى لجريمة الإرهاب تعريفا قانونيا للجريمة يحدد أركانها يتبناه المشرع وفقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، مع الالتزام بمبادئ الضرورة والتناسب عند التجريم والعقاب للأفعال التى يتضمنها هذا التعريف.
وتتميز هذه الجريمة بذاتية خاصة من الناحية القانونية نظرا إلى جسامتها وهو ما ينعكس بوجه خاص فى تجريم مجرد تأسيس الجماعات الإجرامية ومختلف الأعمال التى تساعد على وقوع الإرهاب ومن بينها التمويل . وفى هذا الصدد يثور البحث عما إذا كان الإرهاب فى حد ذاته يعتبر جريمة جنائية أم مجرد ظرف مشدد بالنظر إلى وسائله أو أهدافه أو ضحاياه . ولاشك أن العامل الإرهابى فى تكوين الجريمة يتجاوز مجرد كونه ظرفا مشددا فى جريمة عادية ويندمج فيها اندماجا بحيث يصبح مكونا طبيعيا فيها كاشفا لخطورتها وخطورة مرتكبيها [4]. وأمام خطورة هذه الجريمة يخضع الإرهاب لنظام إجرائى متميز يراعى فيه مدى جسامتها ومختلف أبعادها ومنها البعد الدولى إذا ما تجاوزت أفعاله حدود دولة معنية . فمعيار الإقليمية ليس حاسما فى تحديد الاختصاص القضائى ، بل ينظر عند تجاوز أعمال الإرهاب لإقليم الدولة إلى جنسية كل من الجناة والضحايا والى عبور وسائله للأوطان، والى تنظيماته التى قد تصل إلى حد تكوين الخلايا المنظمة فى بعض الدول.
وقد اهتم مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة في فيينا على أثر قرار مجلس الأمن الصادر سنة 2001 بوضع دليل للوثائق الدولية التي تكافح الإرهاب. وقد أشار هذا الدليل إلى أن الإطار القانونى لمكافحة الإرهاب يمكن أن يتم بتعديل القانون الجنائي الوطني في شقيه العقابي والإجرائي، أو بالاقتصار على التصديق على الوثائق الخاصة بمكافحة الإرهاب في الدول التي تعطى الوثائق المصدق عليها قوة القانون مع تعديل قوانينها الوطنية بما يتفق مع التزام الدولة المترتب بناء على هذا التصديق.
8- (ثانيا) : الإرهاب جريمة دولية :
تعتبر جريمة الإرهاب من الجرائم الدولية إذا كانت مخالفة للقواعد الدولية التى تترتب عليها المسئولية الجنائية الشخصية ، سواء تلك التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية أو تضمنتها القواعد الدولية العرفية ( [5]Customary rules. ويتطلب ذلك توافر العناصر الآتية:
1- ألا تقتصر حدود الإرهاب على دولة بعينها وإنما يتجاوز الحدود الوطنية للدولة سواء فيما يتعلق بالمتهمين أو بالوسائل المستخدمة أو بنوع العنف المستخدم .
2- أن تتم الأعمال الإرهابية بدعم أو بتشجيع أو بموافقة الدولة التى يوجد فيها مرتكبو هذه الأعمال أو بدعم دولة أجنبية (المادة 2 من اتفاقية المعاقبة على تمويل الإرهاب) . ومن قبيل ذلك استخدام بعض وسائل الإعلام لخدمة أهدافها.
3- تعلق الإرهاب بالمجتمع الدولى بأسره ، وذلك على نحو يمكـن اعتبـاره تهديدا لأمن هذا المجتمع وقد وصفه البعض [6] بأنه أصبح عدوا لمجتمع الدولة الوطنية والمجتمع الدولى ، بل هو عدو أكثر ضراوة لأنه لا يقبل أى حل تفاوضى ولا يبغى سوى النصر مهما كان الثمن غاليا فى فقد الأرواح والدمار الذى يحققه.
4- أن تبلغ هذه الأعمال حدا كبيرا من الجسامة تبدو فى أدواته التى تصل إلى حد استخدام التكنولوجيا الحديثة أو الوسائل العسكرية التقليدية واتساع نطاقها ، كما إذا زاد عدد ضحاياه. وفى هذه الحالة لا ينظر إلى المجنى عليهم كأفراد وإنما ينظر إلى الإنسانية كلها كمحل لهذا الاعتداء.
وإذا كان استيفاء هذه العناصر لازما لاعتبار الإرهاب تهديدا للأمن الدولى ، فقد استتبع ذلك اعتباره في ذات الوقت جريمة دولية ، باعتباره ماسا بالقيم التى يؤمن بها المجتمع الدولى .
ويتنازع الإرهاب – كجريمة دولية – ثلاثة أنواع من الأوصاف القانونية وفقا للقانون الدولى ؛ الأول بصفته مجرد جريمة دولية، والثاني بصفته جريمة ضد الإنسانية، والثالث بصفته جريمة حرب.
والوصف الأول للإرهاب كجريمة دولية لا يتوافر إلا إذا وقع أثناء السلم متى توافرت فيه عناصر الجريمة الدولية كما بينا آنفا.
والأصل أن الدول من خلال من يشغلون وظائف المسئولية فيها هم الذين يرتكبون الجرائم الدولية، إلا أن ذلك لا يستبعد ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية ضد السكان المدنيين بواسطة جماعات من الأفراد لا تعتبر من أجهزة الدولة، وهو ما يثير إمكان وقوع أعمال إرهابية بواسطة هذه الجماعات [7] .
أما الإرهاب كجريمة حرب فانه يقع أثناء النزاع المسلح متى استخدمت وسائل إرهابية في القتال عن طريق نشر الرعب بين السكان المدنيين، وفى هذه الحالة يعتبر الإرهاب جريمة حرب لمخالفة القانون الدولى الإنسانى. فإذا بلغت الأعمال الإرهابية حدا كبيرا من الجسامة تعتبر أيضا جريمة ضد الإنسانية(كما إذا كانت الأعمال الإرهابية قد وقعت بطريقة منظمة على المدنيين) [8]
9- أعمال الكفاح المسلح التى تمارسها جماعات التحرير :
وقد ثار الخلاف بوجه خاص بالنسبة إلى الأعمال التى تمارسها جماعات التحرير أثناء الحرب وما إذا كانت تعتبر إرهابا أو جريمة حرب . وقد كان هذا الخلاف أحد الدوافع نحو العجز عن الوصول إلى تعريف عام للإرهاب فى مشروع عقد اتفاقية عامة للإرهاب بواسطة الأمم المتحدة.
لقد نصت المادة الثانية من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب (1998) على أنه لا تعد جريمة، حالات الكفاح، بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير، وفقا لمبادئ القانون الدولي. وسارت على نفس المنوال اتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي حول الإرهاب الدولي (1999). واتفاقية مكافحة الإرهاب لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2006) ويرجع النص على إباحة الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبى والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير إلى حق حركات التحرير الوطنى فى استخدام القوة لتقرير المصير . فبعد الحرب العالمية الثانية استخدمت الدول التى كانت ترزح تحت نير الاستعمار القوة من أجل الحصول على استقلالها . مثال ذلك تونس والجزائر والمغرب فى مواجهة فرنسا ، ومالايا وكينيا ، وقبرص ومصر فى مواجهة بريطانيا ، واندونيسيا فى مواجهة هولندا ، والهند لطرد البرتغال من مستعمراتها فى جاوا [9] وغينيا بيساو وانجولا وموزمبيق فى مواجهة البرتغال ، وناميبيا فى مواجهة جنوب أفريقيا . وقد صدر من الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قرار أكد حق استعمال القوة فى مواجهة حق تقرير المصير (القرار رقم 1514 لسنة 1960)، والقرار رقم 2015 لسنة 1964 الذى اعترف بشرعية الكفاح بواسطة الشعوب الرازحة تحت حكم الاستعمار فى ممارسة حقها فى تقرير المصير والاستقلال والذى دعا كل الدول لتقديم المساعدة المادية والأدبية لحركات التحرير الوطنى فى الأراضى المستعمرة . كما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات حول المستعمرات البرتغالية والوضع فى ناميبيا أكدت فيه شرعية كفاح الشعوب فى هذه الأقاليم بجميع الوسائل المتاحة لها [10]. ومنذ سنة 1973 أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى قرارها السنوى دعمها للكفاح المسلح للحصول على استقلال البلدان المستعمرة . وأصدرت الأمم المتحدة سنة 1987 قرارها رقم 103 الذى ينص على حق الدول فى دعم حق تقرير المصير ينطوى على من هذه الشعوب فى استخدام كل من الكفاح السياسى والمسلح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://youngarablawyers.yoo7.com
الصباغ
Admin
الصباغ


العمر : 41
عدد المساهمات : 953
تاريخ التسجيل : 23/03/2010
الموقع : مصر

حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم القانون فى مواجهة الإرهاب   حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأربعاء يونيو 16, 2010 1:51 am

وبينما دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول لدعم الشعب الفلسطينى فى كفاحه لاستعادة حقه فى تقرير المصير (القرار رقم 41 لسنة 1986) ، قررت فى عام 1987 حق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير دون أن تشر إلى حقه فى استخدام القوة . وأكدت الجمعية العامة سنة 1991 حق الشعوب فى تقرير المصير بجميع الوسائل .
وقد علق البعض [11] على الاستثناء الخاص بحركات التحرير بأنه لا يشير بوضوح عما إذا كان يشمل جميع الأعمال العسكرية التي تباشرها حركات التحرير، فتعتبر بذلك مستثناة من الوقوع تحت طائل وصف الإرهاب، وعما إذا كان يوجب في هذه الأعمال لكى تنحسر عنها خصائص الإرهاب ألا توجه مباشرة ضد المدنيين لنشر الرعب أو الخوف. وقد أشير في هذا الصدد إلى ثلاثة مواقف مختلفة: (الأول) ويرى عدم إدراج جميع أعمال حركات التحرير التي تعمل من أجل تقرير المصير من الوقوع تحت وصف الارهاب، حتى ولو اشتملت على الاعتداء على المدنيين، مما دفع إلى طرح التساؤل عن القانون الذي يحكم هذه الأعمال في هذه الحالة. وقد تجلى هذا الموقف عند تحفظ كل من باكستان سنة 2002 عند التصديق على اتفاقية محاربة الإرهاب بالقنابل (1997)، وعند تحفظ كل من مصر والأردن وسوريا عند التصديق على اتفاقية تمويل الإرهاب (1999).
(الثاني) ويرى أن الأعمال التي تباشرها جماعات التحرير أثناء الحرب تظل خاضعة للقانون الدولي الإنساني الذي يحكم النزاعات المسلحة، مما يعني أن هذه الأعمال تعتبر جرائم حرب ويجعلها خاضعة لأحكام كل من القانون الدولي الانسانى والقانون الوطني سواء بسواء. وقد أخذت بهذا الرأى مجموعة الدول الغربية المشكلة لوضع مشروع اتفاقية الأمم المتحدة لمواجهة الإرهاب ، كما أخذ به القرار الإطارى الذى أصدره مجلس الاتحاد الأوروبى بشأن الإرهاب فى 13 يونيه سنة 2002 [12] و(الثالث) وقد وقف في وسط الطريق [13].ويرى الجمع بين تطبيق القواعد الدولية الخاصة بالإرهاب والقانون الدولى الإنسانى ، مما مؤداه أن يحمل الإرهاب وصفين قانونيين الأول هو الإرهاب , والثانى هو الإرهاب جريمة حرب التى قد تصل إلى اعتبارها جريمة اعتداء على الإنسانية . وقد ظهر هذا الرأى فى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن مكافحة تمويل الإرهاب ، وفى القانون الكندى الخاص بالإرهاب ، كما انحاز إليه السكرتير العام للأمم المتحدة فى تقريره المقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة فى 27 من أبريل سنة 2006. وقد أتخذ مؤيدو هذا الرأى موقفهم للالتفاف على الرأى الذى يستبعد أعمال جماعات التحرير من تطبيق القانون الدولى الإنسانى ، لكى يجعل أعمالهم مندرجة تحت وصف الإرهاب رغم استبعادها من نطاق جرائم الحرب.
وقد استخلص البعض من هذه المواقف الثلاثة أن الإرهاب كجريمة دولية تقع أثناء السلم متى استهدفت احداث الرعب بين المدنيين أو المنشآت العامة أو الخاصة أو ممثليها، وأن الإرهاب أثناء السلم قد تتوافر فيه سمات الجريمة ضد الإنسانية. أما الإرهاب أثناء النزاع المسلح فانه يقع تحت طائل التجريم متى استهدف المدنيين أو غيرهم ممن ليس لديهم دور ايجابي في النزاع المسلح، وذلك بقصد نشر الرعب بين السكان المدنيين. وأشار هذا التعليق إلى أن أصحاب الموقف الأول لا يقدمون أى حل بديل يواجه مخالفة القانون، بينما يعتبر أصحاب الموقف الثاني هذه الأعمال من جرائم الحرب، بخلاف أصحاب الموقف الثالث الذين يجمعون بين الموقف الثاني وقواعد الإرهاب في زمن السلم. واستخلص صاحب هذا التعليق بأن تطور التنظيم القانوني للإرهاب وقت الحرب قد يقود إلى فئة جديدة من الجرائم تسمى بجرائم الحرب الشبيهة بالإرهاب، وأن الإرهاب وقت النزاع المسلح هو نوع خاص من الجرائم الدولية نتيجة الجمع بين تطبيق كل من القانون الدولي الإنساني والقواعد العامة للإرهاب . وواقع الأمر ، فلا يجوز أن نغفل أن الاتفاقيات التى أخرجت أعمال الكفاح التى تباشرها جماعات التحرير من نطاق جريمة الإرهاب قد اشترطت لذلك أن تتم وسائل الكفاح وفقا لمبادئ القانون الدولى ، مما يشير إلى الضوابط التى يجب أن تتسم بها هذه الأعمال حتى تكون بمنأى عن الوقوع تحت طائل التجريم . وقد حددت اتفاقيات جنيف هذه الضوابط.

--------------------------------------------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://youngarablawyers.yoo7.com
الصباغ
Admin
الصباغ


العمر : 41
عدد المساهمات : 953
تاريخ التسجيل : 23/03/2010
الموقع : مصر

حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم القانون فى مواجهة الإرهاب   حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأربعاء يونيو 16, 2010 1:53 am

10- المعنى الضيق للإرهاب كجريمة حرب:
ويلاحظ أنه وفقا للقانون الدولي الإنساني فإن الإرهاب كجريمة حرب له معنى أضيق من معناه في القانون الدولي للسلم. ويبدو ذلك فيما يشترط في هذا الإرهاب الذى يعتبر جريمة حرب أن يقع ضد المدنيين أو ضد أشخاص ليسوا أطرافا في النزاع المسلح. ولهذا قضت المحكمة الدولية الجنائية ليوغسلافيا السابقة بإدانة الجنرال Galic قائد ساراييفو عن جرائم الحرب التي وقعت من سنة 1992 و سنة 1995. وجاء في حكم المحكمة أن هذه الجرائم قد ارتكبت بغرض نشر الرعب بين السكان المدنيين [17] .
وقد لوحظ أن معظم الأعمال الإرهابية تقع ضد المدنيين بغير تمييز بينهم وبين المتحاربين.

11- إرهاب الدولة :
وبالإضافة إلى ما تقدم فقد يقع ما يسمى بإرهاب الدولة State Terrorism. ويتحقق إذا ارتكبت الدولة الأعمال الإرهابية ضد الأهداف المدنية وقت الحرب . وفي هذه الحالة يسأل مرتكبو هذا الإرهاب عن جرائمه وفقا للقانون الدولى الإنسانى . كما حددتها اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 33/1) التى تسرى على أعمال الإرهاب أثناء النزاع المسلح ، وكذلك يسرى عليه كل من البروتوكول الأول (المادة 51/2) والثاني (المادة 4/2- د) لهذه الاتفاقية [18] .
وقد أشارت السوابق القضائية إلى أن الإرهاب لا يقتصر على الأعمال التى تتم مباشرتها ضد استقرار الدولة بل يشمل كذلك الأعمال التى تتم لصالح الدولة لإشاعة الرعب بين المدنيين كما فى حالة الاحتلال العسكرى [19] .
ووفقا للقانون الدولي العرفي إذا تبين أن مرتكب الجريمة الدولية قد ارتكبها بصفته الرسمية باسم الدولة، فإنه لا يملك التمسك بتمتعه بالحصانة في مواجهة القضاء الجنائي أو المدني وطنيا كان أو دوليا.
ومع ذلك ثار الخلاف حول تكييف الأعمال الإرهابية التى تقع أثناء النزاع المسلح .
12- (ثالثا) : الإرهاب نوع من النزاع المسلح :
أطلق هذا الوصف القانونى تحت تأثير قرار سياسى أمريكى رأى [20] أن الإرهاب قد يكون نوعا من النزاع المسلح إذا ما اتسع نطاقه وزاد تطوره على نحو يطلق عليه الإرهاب الذي يشعل الحرب (Terrorisme guerrier ) . وقد اتخذ هذا الإرهاب صورة العنف الجماعي collective violence ، فاشتبه بذلك مع الحرب وقد بدأ هذا التشبيه في الولايات المتحدة منذ وقع الصراع بين تنظيم القاعدة في منتصف التسعينيات والإدارة الأمريكية . ويلاحظ أن الحرب نزاع مسلح يحكمه القانون الدولي الذى يضع طرفيه أمام القانون على قدم المساواة.
وقد سبق أن أثير موضوع تبرير حق الدفاع الشرعى للرد على الهجمات الإرهابية قبل 9 سبتمبر سنة 2001 ، فقد تمسكت به الولايات المتحدة وإسرائيل لتبرير استخدام القوة ضد الهجمات الإرهابية على المواطنين فى الخارج. كما سبق استخدام القوة من جانب إسرائيل ضد بيروت للرد على ماسمى بهجمات إرهابية سنة 1968 ضد إسرائيل ، كما استخدمت القوة بواسطة إسرائيل سنة 1985 ضد تونس،واستخدمت القوة بواسطة الولايات المتحدة ضد ليبيا سنة 1986 واستخدمت الولايات المتحدة بتوسع شديد فكرة الدفاع الشرعى لتبرير ردها على الشروع على قتل الرئيس السابق بوش بواسطة عملاء عراقيين فى الكويت سنة1993. كما ردت الولايات المتحدة على الهجمات الإرهابية فى سفاراتها فى كينيا وتنزانيا فى أغسطس سنة 1998 بإلقاء الصواريخ على مخيمات التدريب فى أفغانستان وعلى مصنع كيميائى فى السودان [21].
13- التمييز بين هدف الإرهاب وهدف الحرب:
والإرهاب بحسب طبيعته يحدث اضطرابا يهدد الأمن الداخلي للدولة، ويختلف بذلك عن الحرب الذي يصل بها الأمر إلى تهديد حالة الدفاع ménace de défence" لدى الدولة وليس مجرد تهديد أمنها. ولهذا فان مواجهة الإرهاب داخل الدولة يتم بواسطة الشرطة وبواسطة القضاء، بخلاف الحرب فان مواجهتها تتم بالطريق العسكري من خلال القوات المسلحة. ومع ذلك فقد تضطر الدولة إلى استخدام الطريق العسكري لمواجهة الخلايا الإرهابية بداخلها رغم أن أعمالها الإرهابية لا تصدر من دولة أخرى، ولا ينطبق عليها وصف الحرب. وفي فرنسا أشار الكتاب الأبيض حول الدفاع سنة 1994 أن بعض أشكال العدوان مثل الإرهاب يتخذ أبعادا يمكن أن تهدد الأمن أو كيان البلاد، وحياة سكانها أو احترام الدولة لتعهداتها الدولية [22].
ويلاحظ أنه بينما قد يكون الحرب مشروعا بالنسبة إلى أحد طرفيه؛ إلا أن الإرهاب دائما عمل غير مشروع.
14- التمييز بين الإرهاب والنزاع المسلح الداخلى:
ومن ناحية أخرى يتعين التمييز بين الإرهاب والنزاع المسلح الداخلي الذي يخضع للمادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف، فقد عرف البروتوكول الاضافي الثاني النزاع المسلح الداخلي بأنه الصراع الذي يدور داخل إقليم الدولة بين القوات المسلحة للدولة وجماعات مسلحة إذا توافرت فيها أربعة شروط، هى وجود قوة منظمة تحت قيادة مسئولة، وسيطرتها على جزء معين من إقليم الدولة، وتباشر من الناحية الواقعية سلطة على سكان هذا الإقليم، وتملك الوسائل التي تمكنها من احترام الاتفاقيات [23].
والإرهاب بحسب طبيعته لا تتوافر فيه شروط الحرب ولا النزاع الداخلي بالمعنى السالف بيانه، ومن ثم فان مرتكبوه يعتبرون مجرمين لا محاربين.
وإذا كان الإرهاب يتفق مع الحرب في استخدام العنف المسلح إلا أن إطلاق وصف الحرب على الإرهاب لم يعرفه القانون الدولي الذي تنصرف أحكامه إلى حالة الحرب وحالة السلم ولا تعالج حالة وسطا بين الاثنين.

15- تشبيه الإرهاب بحالة الحرب:
ومع ذلك أطلق على الإرهاب وصف الحرب بوجه خاص عقب الأحداث المأساوية الجسيمة التى ارتكبت فى الولايات المتحدة الأمريكية فى 11 سبتمبر سنة 2001 والتي أوضحت بجلاء مدى خطورة هذا الشكل من الإرهاب على المجتمع الدولى. وقد أدى تهديد الأمن الدولى بهذا الحادث الإرهابى إلى أن اعتبره رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بمثابة حرب على الشعب الأمريكى ، فأعلن أمام الكونجرس الأمريكى فى 20/9/2001 حالة الحرب ضد الإرهاب ، ولم يقتصر الرئيس الأمريكى على ذلك بل طبق المادة الخامسة من معاهدة واشنطن معتبرا أن حوادث الحادى عشر من سبتمبر اعتداء ضد جميع أطراف هذه المعاهدة ، أى ضد جميع الدول الأعضاء فى منظمة حلف شمال الأطلنطى وليس فقط ضد الولايات المتحدة ، وقد حدد الرئيس الأمريكى موقعة الحرب ضد الإرهاب فى أفغانستان ، ثم مد ساحة الحرب إلى العراق فى مارس سنة 2003 . ويرجع ذلك إلى أن الإدارة الأمريكية اعتنقت فكرة موسعة عن النزاع المسلح ، وتجلى ذلك فى التعليمات التى وجهتها إلى اللجان العسكرية [24]
وقد لوحظ أن أحداث 11 سبتمبر قد اتخذت شكلا جديدا من الإرهاب شبه بحالة الحرب مما أدى إلى وضوح تهديده للأمن الدولى ، الأمر الذى دعا إلى اتخاذ شكل جديد لمواجهته . وقد أعادت الممارسات المسلحة ضد الإرهاب بعد تشبيهه بالحرب إلى الذاكرة ما كان عليه قانون الحرب قبل اتفاقيات جنيف . وقد أوضح Caleb Carr فى كتابه عن دروس الرعب ، الصادر فى نيويورك سنة 2002 أن الحرب الحديثة أخذت بالتراث الرومانى الذى كان ينادى بأنه عند إشعال الحرب لا يوجد ما يبرر معاملة غير المتحاربين معاملة أقل جسامة من معاملة المتحاربين [25]. فوفقا لهذا التقليد الروماني عرفت روما الحرب المدمرة والحرب الانتقامية، وهو ما عارضه رجال الفكر العظام مثل أوجستن وتوماس الأكويني اللذين نادا بالحرب العادلة. إلا أن جانبا من الفقه الانجلو أمريكي ذهب إلى أن علاقة العداء بين المحاربين تمتد أيضا إلى مواطنيهم المدنيين، مع التسليم بالعمل على حمايتهم طالما أنهم لم يساهموا في العمليات العسكرية [26].
وجاءت اتفاقيات جنيف فوضعت قانونا جديدا للحرب يميز بين المتحاربين والمدنيين مستهدفة تأكيد التفرقة بين المقاتلين وغيرهم من المدنيين المسالمين، بحيث أصبحت هذه التفرقة هى إحدى سمات القانون الدولي الإنساني. كما استظهر المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية القانون الدولي الإنساني الذي يطبق على النزاع المسلح، وكان ذلك كرد فعل ضد الممارسات غير الإنسانية في الحرب العالمية الأولى سنة 1914 والتي تركت آثارا مدمرة على المدنيين والتي أعقبتها الحرب العالمية الثانية فضاعفت بدورها من هذه الآثار المدمرة التي وصلت قمتها بإلقاء القنبلة النووية على هيروشيما . ومـع ذلـك لوحظ أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب اتخـذت ذات المنهـج الـذي اتبـع في الحربين العالميتين الأولى والثانية فيما أسفـر عنـه مـن حجـم كبيـر للضحايا من المدنيين. وهكذا فإن الأحداث الإرهابيـة التى وقعت في 11 سبتمبر سنة 2001 والتى أصابت المدنيين خلقت بذاتها حالة حرب لدى الولايات المتحدة . كانت مبررا لاعتبار الإرهاب بمثابة إعلان للحرب يبرر مواجهته بحرب شاملة لا تميز بين المتحاربين والمدنيين. وقد علق البعض على ذلك بأنه بينما أعلنت الولايات المتحدة الحرب ضد الإرهاب وطالبت بتطبيق قانون الحرب المسمى بالقانون الدولي الإنسانى على الحرب ضد الإرهاب، فإنها لم تلتزم بمعظم التزاماتها بمقتضى هذا القانون (اتفاقيات جنيف) وبينما طالبت بحقوقها وفقا لهذه الاتفاقيات أنكرت ذلك على أعدائها. ولذلك قضت المحكمة العليا الأمريكية في قضية Hamdan V. Rumsfiled أن اللجان العسكرية المشكلة في جوانتانامو خالفت الضمانات التي نصت عليها المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف [27].
وقد استند إضفاء وصف النزاع المسلح على الإرهاب إلى قرار مجلس الأمن رقم 1368 الذي أصدره بالإجماع في 12 سبتمبر سنة 2001 والذي أعلن فيه أن هذا النوع من الإرهاب يعتبر تهديدا للسلم والأمن الدوليين مما يجيز استخدام حق الدفاع الشرعي المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة .
وقد أدى استخدام القوة ضد الإرهاب إلى التمسك به بواسطة إسرائيل التى ادعت أنها فى حالة دفاع شرعى ضد الإرهاب ، وذلك فى مواجهة هجمات حزب الله ضد أراضيها الموجهة من لبنان ، تأسيسا على أنه منظمة إرهابية ومسئولة عن مجموعات من الهجمات على المواطنين الإسرائيليين وقواتها المسلحة . وادعت إسرائيل أن حزب الله يلقى عما كاملا من لبنان وسوريا وإيران . وقد رفضت لبنان هذا الإدعاء على أساس أن أعمال إسرائيل تعتبر نوعا من العدوان ، وأن لبنان تمارس حقها فى الدفاع الشرعى لأن إسرائيل لازالت تستمر فى احتلال بعض أراضى لبنان (منطقة شبعه) وأنه يتعين التفرقة بين الإرهاب وأعمال الكفاح ضد الاحتلال الأجنبى وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 46 لسنة 1991 . ولهذا فإنه عندما قامت إسرائيل بحملة ضد سوريا ردا على قنبلة ألقاها فلسطينى انتحارى فى مطعم بحيفا مدعية أنه تلقى تدريبه فى سوريا ، أدان مجلس الأمن عمل إسرائيل وأعتبره مخالفا للقانون الدولى ، كما أبدى السكرتير العام للأمم المتحدة أسفه لهذا الفعل ، واعتبرته كل من ألمانيا والمملكة المتحدة عملا غير مقبول [28] .
16- ملاحظات قانونية على تكييف الإرهاب بالنزاع المسلح:
وقد وردت على هذا التكييف القانوني للإرهاب بالنزاع المسلح الذى يواجه بالحرب العديد من الملاحظات على النحو التالي:
(1) على الرغم من تأكيد مجلس الأمن أن الإرهاب الدولى يمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين إلا أن قراره بإجازة استخدام حق الدفاع الشرعى تقف أمامه المادة 51 من الميثاق التى تنص على أن الاعتداء الصادر من الدول هو الذي يبيح استعمال حق الدفاع الشرعي وهو ما تأيد بحكمين لمحكمة العدل الدولية في 9 يوليه سنة 2004 و19 ديسمبر سنة 2005، فقرار مجلس الأمن يعنى توسعة الأعمال التى تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين وعدم قصرها على ما يصدر من الدول وحدها . وخاصة أن مجلس الأمن فى قراره المذكور التجأ إلى أسلوب التعميم فاستخدم تعبير (كل عمل من الإرهاب الدولى) بدلا من الاقتصار على الحالة الناشئة عن أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة وهي حالة الإرهاب الذي يشعل الحرب. وقد لوحظ كذلك أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة تجيز استخدام الدفاع الشرعى حتى يتخذ مجلس الأمن التدابير الضرورية ، إلا أن مجلس الأمن تدخل فقط للسماح للولايات المتحدة باستخدام حق الدفاع الشرعى فى مجال احترام الميثاق ، دون أن يرخص لها بمباشرة عمليات عسكرية معينة مما تعتبر من التدابير الضرورية . ومن الناحية العملية فضلت الولايات المتحدة بأن تعمل فى مواجهة ما أسمته بمحور الشر ضد نظام طالبان فى أفغانستان باسم الحرب الشاملة ضد الإرهاب اكتفاء بإرسال خطاب مع المملكة المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن بإخطاره بمباشرة العمليات العسكرية تحت مسمى الدفاع الشرعى طبقا للمادة 51 من الميثاق. هذا بالإضافة إلى ملاحظات قانونية أخرى تتعلق بمدى توافر شرطي الضرورة والتناسب، ومدى جواز استخدام الدفاع الشرعي ضد اعتداءات غير حالة ولم تقع بعد . كما اتجه الرأى الغالب إلى أن استخدام الجماعات الإرهابية للقوة لا يعتبر اعتداء مسلحا يبيح للدولة حق الدفاع الشرعى وفقا للقانون الدولى [29] وجانب استخدام الدفاع الشرعى الوقائى محل نقد ، لأنه يعنى استخدام القوة تحت ستار الحرب ضد الإرهاب دون أن يكون هناك أى اعتداء حال تستخدم القوة ضده . ولهذا حذرت كثير من الدول من استخدام حق الدفاع الشرعى ضد الإرهاب قبل وقوع أى اعتداء وانتقد اتخاذ الدفاع الشرعى ذريعة للهجوم على العراق بدعوى أنه يحوز أسلحة الدمار الشامل ، وخاصة أنه قد تبين فيما بعد عدم وجود هذه الأسلحة [30].
(2) لاحظ البعض أن الحرب ضد الإرهاب يعتبر نزاعا دوليا مسلحا ضد تنظيم لا يعتبر دولة. كما أن اتفاقيات جنيف التى تمثل في مجموعها قانون الحرب المسمى بالقانون الدولى الإنسانى، لا تسرى إلا في مواجهة أطراف هذه الاتفاقيات وليس من بينها الجماعات. وقد خلا القانون الدولي العرفي من أية إشارة تؤيد وجهة النظر الأمريكية فى تكييف الإرهاب بأنه نزاع مسلح . كل هذا دون إخلال باعتبار الإرهاب جريمة دولية متى توافرت شروطها من خلال استخدام أعمال إرهابية أثناء النزاع المسلح الذى يخضع للقانون الدولى الإنسانى . ويلاحظ أن قرار مجلس الأمن رقم 1701 لسنة 2006 الصادر فى 11 أغسطس سنة 2006 إذ قرر أن الحالة فى لبنان تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين دعا إلى وقف تام للأعمال القتالية ووقف حزب الله الفورى لجميع الهجمات ووقف إسرائيل الفورى لجميع العمليات العسكرية الهجومية . ويلاحظ أن هذا القرار قد خاطب حزب الله مع أنه ليس من أشخاص القانون الدولى العام وليس طرفا فى اتفاقيات دولية.
ومن ناحية أخرى ، فإنه من حيث اعتبار الإرهاب نوعا من النزاع المسلح ، فإن قواعد القانون الدولي تحرم استعمال القوة على الدول، بينما تحرم قواعد القانون الوطني على الأفراد والجماعات التي لا تتخذ شكل الدول استخدام العنف بمختلف أشكاله. ولا تنسب القوة إلى الدولة إلا إذا استخدمتها قواتها المسلحة أو أفراد أو جماعات تابعة لها تعمل بناء على توجيه الدولة أو إشرافها. فإذا تسامحت الدولة مع جماعة إرهابية تعمل على أرضها لكي تباشر أعمالها ضد دولة أخرى، فإنها تخالف التزاماتها وفقا للقانون الدولي بعدم السماح باتخاذ أراضيها لمباشرة أعمال تخل بحقوق دول أخرى، دون أن تعتبر هذه المخالفة فى ذاتها استخداما للقوة.
وفى ضوء ما تقدم فإن المملكة المتحدة عندما صدقت على البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف أعلنت أنه من المفهوم ان اصطلاح (النزاع المسلح) في ذاته وفي مضمونه يشير إلى حالة لا تتوافر بمجرد ارتكاب جرائم عادية بما في ذلك أعمال الإرهاب سواء تخللتها أو وقعت استقلالا عنها. كما أنه على أثر الاعتداءات الإرهابية التي وقعت على كل من اسبانيا والمملكة المتحدة، لم تعتبر حكومة كل من الدولتين أنها في حالة حرب ضد نزاع مسلح.
(3) سبق لمجلس الأمن من قبل أن واجه تحديات الإرهاب للأمن الدولى بقرارات متفاوتة [31] . مثال ذلك في عام 1979 بمناسبة أخذ بعض الرهائن من السلك الدبلوماسى والقنصلى الأمريكى فى طهران فقد اقتصر مجلس الأمن على المطالبة بالإفراج عن الرهائن، وكان ذلك فى زمن الحرب الباردة الذى يخشى فيه من استخدام حق الفيتو لو تضمن قرار مجلس الأمن رد فعل أكثر شدة. وفي عام الاعتداءات ضد طائرات بنما وإفريقيا سنة 1988 اشتدت لهجة مجلس الأمن قليلا. وفي قضية لوكيربي اقتصر الأمر ابتداء على إعلان من رئيس مجلس الأمن في 30 ديسمبر سنة 1988 بالإدانة ودعوة الدول للتعاون للقبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة. وبعد زوال الاتحاد السوفيتي وانتهاء نظام القطبين أصدر مجلس الأمن سنة 1992 القرار رقم 731 الذي يستهجن فيه عدم تعاون السلطات الليبية ويطالبها بتغيير موقفها، ثم أصدر القرار رقم 748 مسجلا به أن عدم إظهار الحكومة الليبية نبذها للإرهاب مع التجاوب مع القرار رقم 731 يعتبر في ذاته تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وقرر المجلس تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فرض حظر جوي وعسكري على ليبيا ووضع قيود على تحركات السلك الدبلوماسي والقنصلى الليبي. وقد أكد مجلس الأمن بعد ذلك على العقوبات التي فرضها في قراره رقم 883 لسنة 1993 وقراره رقم 1192 لسنة 1992 إلى أن قرر إيقاف العقوبات في 5 ابريل سنة 1999. وبعد ذلك فرض مجلس الأمن نظاما جديدا للعقوبات غير العسكرية في مجال مكافحة للإرهاب اتخذه ضد نظام طالبان في أفغانستان بسبب رفضه تسليم أسامة بن لادن لاتهامه بالاعتداء على السفارات الأميركية في نيروبي ودار السلام في 7 أغسطس سنة 1998 فبعد أن أدان هذه الاعتداءات الإرهابية في قراره رقم 1189 لسنة 1998 فرض بالإجماع في قراره رقم 1267 لسنة 1999 حظرا جويا على طالبان وجمد أرصدتها المالية، ما لم تسرع في التجاوب مع مجلس الأمن. وقد لوحظ على هذا القرار أنه لم يشر إلى دولة أفغانستان ولكنه اقتصر على الإشارة على نظام طالبان الذي يسيطر على جزء من هذه الدولة. وشدد المجلس هذه العقوبات بقراره رقم 1313 سنة 2000 مع التأكيد على وضع حد للأنشطة غير المشروعة المرتبطة بالمخدرات والتي تسهم إيراداتها في تمويل الأنشطة الإرهابية.
ويلاحظ مما سبق تفاوت قرارات مجلس الأمن في درجة مواجهته للإرهاب الذي يعتبر تهديدا للسلم والأمن الدوليين في فترة الحرب الباردة عنه بعد زوال الاتحاد السوفيتي إلى أن أجاز استخدام الدفاع الشرعي لمواجهة اعتداءات 11 سبتمبر سنة 2001 التي اعتبرها الرئيس الأمريكي إرهابا أشعل الحرب بينما رفض مجلس الأمن من قبل إجازة الدفاع الشرعي في مناسبات إرهابية مختلفة منها الاعتداء الإسرائيلي على لبنان وتونس، واعتداء جنوب إفريقيا وروديسيا الجنوبية ضد جيرانها من دول إفريقيا الاستوائية، ورفض سنة 1992 الاعتراف بحق روسيا في الدفاع الشرعي ضد الأعمال الإرهابية التي قامت بها القوات الشيشينية في جورجيا [32]. وواضح من الأمثلة المتقدمة أن مواجهة مجلس الأمن للإرهاب بوصفه خطراً يهدد السلم والأمن الدوليين قد جعل من المجلس بمثابة مشرع دولي، إلى الحد الذي أصدر فيه قرارات اعتبرت بمثابة اتفاقية دولية، منها القرار رقم 687 لسنة 1991 عقب الحرب العراقية الكويتية، وكذلك القرار رقم 827 لسنة 1993 و955 لسنة 1994 بإنشاء المحكمتين الجنائيتين الدوليتين في يوغوسلافيا السابقة ورواندا لمحاكمة مرتكبي جرائم الاعتداء على القانون الدولي الإنساني في هاتين الدولتين. وكذلك الأمر في قرار مجلس الأمن رقم 1373 الذي اتخذه في 28 سبتمبر سنة 2001 بناء على مبادرة أمريكية، فقد صدر بناء على الفصل السابع بعبارات عامة تتعلق بمكافحة الإرهاب ومعاقبة مرتكبيه ووضع قائمة مطولة من الالتزامات الواردة على عاتق الدول فيما يتعلق بتمويل الإرهاب أو دعمه، ومنع حق اللجوء السياسي، وتشديد العقاب على الإرهاب ووضع تدابير هامة للرقابة. ووصل الأمر إلى أن شكل مجلس الأمن من بين أعضائه لجنة لمتابعة تطبيق هذا القرار. وقد أثار موقف مجلس الأمن على هذه الصورة نوعين من المشكلات فإذا كان يتصرف بوصفه قاضيا فما الجهة التي يجوز الطعن أمامها في قراراته؟، وإن كان يتصرف بوصفه مشرعا دوليا فما هو الأساس الديمقراطي لتشكيل هذا المجلس؟.
(4) استبعدت الوثائق الدولية الخاصة بالإرهاب من نطاقها أعمال الإرهاب التي تقع أثناء النزاع المسلح. مثال ذلك الاتفاقية ضد خطف الرهائن سنة 1979 الرهائن المخطوفة فقد استبعدت صراحة أثناء النزاع المسلح من نطاق تطبيقها، على أساس أن هذه الأعمال يحكمها قانون الحرب (القانون الدولي الإنسانى). كما استبعدت الاتفاقيات العرفية والأفريقية والإسلامية لمواجهة الإرهاب عمليات التحرير الوطني والمقاومة ضد الاحتلال الأجنبي من نطاق تطبيقها. واستبعدت اتفاقية الإرهاب بالقنابل لسنة 1997 أنشطة القوات المسلحة أثناء النزاع المسلح من نطاق تطبيقها على أساس أن هذه الأنشطة تقع تحت نطاق القانون الدولي الإنسانى . كما ظهرت هذه العبارات في اتفاقية محاربة الإرهاب النووي سنة 2005. وكذلك فإن اتفاقية تمويل الإرهاب لسنة 1999 تغطى بالإضافة إلى أعمال الإرهاب المجرمة في سائر الاتفاقيات الدولية، الأعمال التي تقع ضد المدنيين أثناء النزاع المسلح بينما تخضع الأعمال المرتكبة ضد المتحاربين أو ضد غيرهم ممن يقومون بدور فى النزاع المسلح ، للقانون الدولى الإنسانى . وهو ما يعني أن هذه الأعمال تحكمها الاتفاقية بينما تخضع الأعمال التي تقع ضد المتحاربين أو الذين يمارسون أعمالا ايجابية في النزاع المسلح للقانون الدولي الإنساني. كما أوضح السكرتير العام للأمم المتحدة في تقريره في مارس سنة 2005 أن الأعمال الموجهة ضد المدنيين وغير المتحاربين تقع داخل تعريف الإرهاب.
ومقتضى ما تقدم أن الوثائق الدولية لمحاربة الإرهاب أخرجت من نطاقها أعمال الإرهاب التي تقع أثناء النزاع المسلح، إذ تندرج فى نطاق القانون الدولى الإنسانى . الأمر الذي يثير التساؤل عن مدى ملائمة اعتبار الإرهاب فى ذاته عملا من أعمال النزاع المسلح يواجه بالحرب ويخضع للقانون الدولى الإنسانى مما يجعله متساويا بذلك مع أعمال الإرهاب التى تتم أثناء النزاع المسلح والتى تخضع للقانون الدولى الإنسانى .

--------------------------------------------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://youngarablawyers.yoo7.com
الصباغ
Admin
الصباغ


العمر : 41
عدد المساهمات : 953
تاريخ التسجيل : 23/03/2010
الموقع : مصر

حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: حكم القانون فى مواجهة الإرهاب   حكم القانون فى مواجهة الإرهاب Emptyالأربعاء يونيو 16, 2010 1:54 am

الفصل الثاني
السياسة الجنائية لمواجهة الإرهاب
ـــــــــــ

17- البعد الدولي للسياسة الجنائية :
منذ بداية هذا القرن احتلت السياسة الجنائية للإرهاب مكان الصدارة فى أولويات كل من السياسات الدولية والسياسات الوطنية للمحافظة على الأمن وضمان حكم القانون . وقد واجهت النظم القانونية الوطنية كثيرا من التحديات عند صياغة سياستها الجنائية لمواجهة الإرهاب . مما اقتضى العمل على تحقيق إصلاح جنائى يكفل فاعلية مواجهة الإرهاب .
وبينما يعتبر وضع السياسة الجنائية للإرهاب فى دولة ما من المسائل الداخلية ، إلا أن البعد الدولى لظاهرة الإرهاب ألقى بظلاله على نطاق سلطة الدولة فى الإصلاح التشريعى الجنائى لمواجهة الإرهاب . فعلى أثر الأحداث الإرهابية التى وقعت فى 11 سبتمبر سنة 2001 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1368 الذى ألقى بواجبات تلتزم بها الدول الأعضاء بحكم صدور هذا القرار طبقا للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة . فقد نصت المادة الأولى منه على مطالبة جميع الدول بتجريم تمويل الإرهاب وتجميد بعض الأرصدة والأصول ومنع بعض الأعمال المرتبطة بالإرهاب ، ومطالبة الدول بتقديم الإرهابيين للعدالة ، واعتبار الأعمال الإرهابية جرائم جسيمة فى القوانين الوطنية ، والنص على أن تعكس العقوبة مدى جسامة الأعمال الإرهابية. كما طالب مجلس الأمن فى قراره الدول الأعضاء أن تنضم للوثائق الدولية والبروتوكولات المتعلقة بالإرهاب [33]. وأنشأ مجلس الأمن لجنة مواجهة الإرهاب(The Counter- Terrorism Committee) وتتكون من الأعضاء الخمسة عشر لمجلس الأمن وذلك لمراقبة تطبيق الدول للقرار رقم 1373 وإرشادها حول كيفية تطبيق هذا القانون . وقد ساهم ذلك فى إحداث بعض التعديلات على النظم القانونية الجنائية فى مختلف بلدان العالم لمواجهة الإرهاب .
وفى سنة 2004 كان مجلس الأمن قد أصدر القرار رقم 1566 الذى يطالب فيه الدول الأعضاء بمنع أعمال الإرهاب، وضمان أن تكون هذه الأعمال معاقبا عليها بعقوبات تتفق مع طبيعتها الجسيمة . وفى الفقرة الثالثة من هذا القرار أشار مجلس الأمن فى مجال تعريف الإرهاب إلى جرائم الإرهاب كما هى معرفة فى الاتفاقيات والبروتوكولات المتعلقة بالإرهاب .
وقد اهتمت أجهزة أخرى للأمم المتحدة بهذا الموضوع ، فقد طالبت لجنة الأمـم المتحـدة لحقوق الإنسان ما بين سنة 1990 و2000 الدول الأعضاء مراراً باتخاذ كل التدابير الضرورية لمنع ومحاربة وقمع الإرهاب . وأكدت اللجنة أن تراعى هذه التدابير التطابق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
كما عينت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان مقررا خاصا للموضوعات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان عند محاربة الإرهاب. وأكثر من ذلك فقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2006 القرار رقم 158 الذى يطالب بحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أثناء مواجهة الإرهاب . وهكذا أصبح لقانون حقوق الإنسان أهمية كبيرة واعتباراً متناميا عند وضع التدابير الضرورية لمحاربة الإرهاب .
وخلاصة ما تقدم فإنه من الناحية الدولية يقع على الدولة التزام بالتشريع لمواجهة الإرهاب يراعى التزاماتها الدولية بمقتضى الاتفاقيات والبروتوكولات المتعلقة بالإرهاب ، ويراعى أن تبلغ العقوبات المقررة للإرهاب من الجسامة بحيث تتلاءم مع الطبيعة الجسيمة للإرهاب . هذا بالإضافة إلى ضرورة مراعاة القواعد الدولية لحقوق الإنسان .
إلا أن هذا الإطار الدولى لا يخل بالسيادة الوطنية للمشرع الوطنى فى وضع تشريع الإرهاب مع مراعاة كل من الالتزامات الدولية المقررة فى الوثائق الدولية المتعلقة بالإرهاب والتى تعتبر الدولة طرفا فيها ، ومراعاة الالتزامات الدولية المقررة فى الوثائق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
18- أبعاد الشرعية الدولية والدستورية عند مواجهة الإرهاب:
واضح مما تقدم أن قضية المحافظة على الأمن سواء كان داخليا أو دوليا بمعناه الشامل كانت وراء التصدى لمواجهة الإرهاب . إلا أن هذه المواجهة تكون قاصرة وغير منضبطة ما لم تكن فى إطار من احترام حقوق الإنسان . فمواجهة الإرهاب لا يمكن أن تتم خارج حكم القانون الذى تندمج فيه قواعد المنع والتجريم والعقاب مع قواعد حماية حقوق الإنسان . ولا يتناقض الالتزام الدولى بتجريم الإرهاب والمعاقبة عليه ومكافحته مع اتخاذ التدابير المناسبة التى تتفق مع احترام حقوق الإنسان .
وقد اتفقت كل من الشرعية الدولة المتمثلة فى الوثائق الدولية كمصدر للقانون الدولى والشرعية الدستورية المتمثلة فى أحكام الدستور فى ضرورة التوازن بين مقتضيات مواجهة الإرهاب ومتطلبات حماية حقوق الإنسان ، تأكيدا لوحدة حكم القانون . ومن خلال هذه الوحدة لا تكون مواجهة الإرهاب بعيدة عن متطلبات حماية حقوق الإنسان أو منفلتة منعزلة عن ضوابطها ، بل تكون مندمجة معها ، وذلك باعتبار أن حكم القانون لا ينحاز لجانب دون آخر ، فالهدف الذى يبغيه يتطلب اندماج ضمانات حقوق الإنسان فى القواعد التى ينص عليها القانون لمواجهة الإرهاب . فعندما تتم مواجهة الإرهاب بأساليب عادلة أكثر من مجرد المعاقبة عليه ، وعندما تكون حماية حقوق الإنسان صمام أمن هذه العدالة خلال مواجهة الإرهاب ، فإن احتـرام حكم القانون لن يكون مصونا فحسب بل يكون معززا رفيع الشأن . فالقواعد القانونية غير المتوازنة أو المنحازة لجانب على حساب آخر تهدد صحيح حكم القانون لأن التوازن بين الاثنين لا يجوز أن يتم فى نطاق المضاربة أو المنافسة ولا يجوز أن يكون فيه منتصرا أو منهزم ، فكلاهما طرف فى معادلة واحدة يستقيم بها حكم القانون . ويثير التوازن الذى ترتكز عليه الشرعية فى كل من النظام القانونى الدولى والنظام الدستورى الوطنى البحث عن المعايير التى تحكم المواجهة من زاوية كل من التحديات الأمنية وتحديات حقوق الإنسان .
من جانب آخر ، بذلت جهود كبيرة على المستويين الدولى والوطنى لتحقيق هذا التوازن . فلقد واجهته دائما صعاب جمة ترجع إما إلى الرغبة فى المحافظة على المبادئ التقليدية التى تحكم القانون الجنائى أو التكيف مع العناصر الجديدة التى تحلقها تحديات الإرهاب الدولى . وهو ما أدى إلى البحث عما إذا كانت مواجهة الإرهاب تتم من خلال القواعد العامة للقانون أم أنه يتعين الالتجاء إلى قواعد خاصة عند مواجهة الإرهاب ولو تطلب الأمر الخروج على القواعد العامة .
وفيما يلى نعرض للجهود التى بذلت على المستويين الوطنى والدولى فى رسم سياسة جنائية لمواجهة الإرهاب .


19- الجهود الوطنية لمواجهة الإرهاب :
نعرض فيما يلى الجهود الوطنية التى بذلت فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية ، والمملكة المتحدة ، وفرنسا ، وايطاليا ، وأسبانيا .
20- (أولا) : مواجهة الإرهاب فى الولايات المتحدة:
حين تعرضت الولايات المتحدة لأحداث إرهابية تمثلت فى التفجير الأول لمركز التجارة العالمى سنة 1993 وتفجير المبنى الفيدرالى فى أوكلاهاما سنة 1995 ، وضع الكونجرس الأمريكى قانونا لمكافحة الإرهاب سنة 1996 ، تضمن مساسا بالضمانات التى نص عليها الدستور الأمريكى ، مثل إنشاء المحاكم العسكرية وحبس الأجانب ومنع اتصال المتهم بمحاميه وإضفاء السرية على التحقيقات [34] وبعد أحداث 11 سبتمبر سنة 2001 أقر الكونجرس الأمريكى على وجه السرعة قانونا لمكافحة الإرهاب سمى قانون باتريوت Patriot Act وقبله أصدر رئيس الجمهورية مجموعة من الأوامر التنفيذية Executive Orders لمكافحة الإرهاب ومعاقبته ، تضمنت قيودا جسيمة على الحريات المدنية لم تشهدها البلاد منذ الحربة العالمية الثانية [35].
وقد ارتكزت سياسة الولايات المتحدة فى مكافحة الإرهاب على أساسين : (أولهما) سلطات الطوارئ وتطبيق القانون العسكرى . و (ثانيهما) قانون باتريوت فى أكتوبر سنة 2001.
وبالنسبة للأساس الأول ، أعلن الرئيس بوش فى 14 سبتمبر سنة 2001 حالة الطوارئ بسبب بعض الهجمات الإرهابية " Declaration of National Emergency by Reason of Certain Terrorist Attacks " وبعد أربعة أيام تالية أصدر الكونجرس الأمريكى قرارا يخول الرئيس الأمريكى أن يباشر عمليات عسكرية باستخدام كل القوة الملائمة والضرورية ضد الأمم والمنظمات والأشخاص الذين نظموا أو سمحوا أو نفذوا أو أيدوا الهجمات الإرهابية التى وقعت فى 11 سبتمبر سنة 2001 أو وفروا لهم الإقامة، وذلك لمنع كل عمل مستقبلي للإرهاب الدولي ضد الولايات المتحدة بواسطة هذه الأمم أو المنظمات أو الأشخاص. وبناء على هذه السلطات استخدم الرئيس الأمريكي القوات المسلحة في أفغانستان ضد تنظيم القاعدة ونظام طالبان الذي قدم المساعدة لهذا التنظيم. واعتبر الرئيس الأمريكي قرار الكونجرس المذكور بمثابة موافقة على معاملة الإرهابيين بوصفهم أعداء محاربين طبقا للقانون العسكري. وقد مارس الرئيس الأمريكي سلطاته بناء على ما يمنحه الدستور الأمريكي للسلطات الفيدرالية من سلطات خاصة في المسائل الخارجية وفي الدفاع الوطني وفي حالة الحرب. بالإضافة إلى أن الكونجرس الأمريكي – وفقا للدستور يملك – سلطة إعلان الحرب وتشكيل قوات مسلحة، وقد أعلنت المحاكم الفيدرالية صحة الأعمال التي مورست وتتعلق بالحرب واستخدام القوات المسلحة في الخارج [36]. وبناء على هذا الأساس اتخذ الرئيس الأمريكي بسرعة قراراً بالالتجاء إلى المحاكم العسكرية لنظر قضايا المتهمين بالإرهاب. وفي 13 نوفمبر سنة 2001 وقع الرئيس أمرا عسكريا يسمح لوزير الدفاع بأن يودع المتهمين بالإرهاب في السجن وأن يعمل على محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية. وعلى أثر ذلك أصدر وزير الدفاع الأمريكي عدة قرارات بتنظيم المحاكم العسكرية وتحديد اختصاصها وإجراءاتها [37]
أما الأساس الثاني لمواجهة الإرهاب في الولايات المتحدة
فقد تمثل في قانون باتريوت Patriot Act الصادر سنة 2001. ويتميز هذا القانون بالإطالة . وقد صدر بغير مناقشة من الكونجرس الأمريكى فى 26 أكتوبر سنة 2001 . ويحتوى على 16 فصلا، ونص على أن مواده ينتهى مفعولها فى تاريخ محدد هو 31 ديسمبر سنة 2005 ما لم يقرر الكونجرس مد العمل به بالتصويت [38] ، فقد وسع هذا القانون من السلطات الاستثنائية في المراقبة الإلكترونية أو التفتيش الواقع على المنظمات الأجنبية أو عملائها. وقد احتوى هذا القانون على عدة سلطات خاصة تمس الحقوق والحريات الأساسية وخاصة في مجالات المراقبة وغسيل الأموال ومركز الأجانب واعتقالهم، والتوسع في التجريم والعقاب والحبس الاحتياطي. وبوجه عام فإن قانون باتريوت والأوامر التنفيذية الصادرة من رئيس الجمهورية والقرارات التي أصدرها النائب العام قيدت على نحو مهم بعض الحقوق والحريات الأساسية. وقد قام الكونجرس الأمريكى قبل انتهاء مفعول هذا القانون بتجديد العمل بمعظم مواده التى سميت بنصوص الغروب ( sunset provisions ) وأحدث عليها بعض التعديلات مبقيا على النصوص الخاصة بتسجيل المكالمات التليفونية على أن يعاد النظر فيما سمى بنصوص الغروب كل أربعة أعوام . وقد أثار هذا التقييد جدلا حول مدى عدالة التوازن بين هذه الحقوق والحريات وحمايتها ضد الإرهاب. وقد تمثلت أهم هذه الحقوق والحريات التي أصابها المساس؛ في الحق في الحياة الخاصة (Privacy) الذي نص عليه التعديل الرابع للدستور الأمريكي، وذلك من خلال السماح بمراقبة واسعة للمواطنين والأجانب تحت رقابة قضائية بسيطة، وكذلك حق استخدام الوسائل القانونية "Due Process of law" المنصوص عليه في التعديل الخامس للدستور الأمريكي ويعني الحق في المحاكمة المنصفة، وحرية التعبير والاجتماع المنصوص عليها في التعديل الأول للدستور الأمريكي. كما أثار هذا القانون قضية أساسية تتعلق بالفصل بين السلطات، تتمثل في المدى الذي يمكن للسلطة التنفيذية أن تصل إليه في تقييد الحقوق والحريات دون رقابة تشريعية أو قضائية، باسم السلطات الكاملة التي تملكها في المسائل العسكرية والخارجية [39]
وفيما يتعلق بالحق في المحاكمة المنصفة، فقد أثير البحث حول مدى احترام قاعدة استخدام الوسائل القانونية "Due process of law" في الإجراءات المتبعة أمام اللجان العسكرية التي أنشأها الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس بوش في 13 نوفمبر سنة 2001 لمحاكمة الأجانب الأعضاء في تنظيم القاعدة والمتهمين بالاشتراك في الأعمال الإرهابية ضد الولايات المتحدة [40]
وقد صدر حكمان للمحكمة العليا الأمريكية، أولهما صدر في أثناء الحرب الأهلية، والثاني صدر في أثناء الحرب العالمية الثانية، ويتضمن كل منهما أن الرئيس الأمريكي يملك هذه السلطة إذا لم يصدر الكونجرس الأمريكي قرارا بشأنها [41]
وفي 28 يونيه سنة 2004 صدرت ثلاثة أحكام للمحكمة العليا في الموضوع ترجمت رغبة المحكمة في وضع قواعد للحد الأدنى من حماية الحقوق الدستورية للمواطنين والأجانب المحبوسين [42]، وانحصر الجدل القانونى في تحديد المدى الذي يمكن الوصول إليه في التضحية بالحريات الأساسية باسم الأمن القومى.
وفى 30 ديسمبر سنة 2005 صدر قانون معاملة المسجونين ( the Detainee) وفرض قيودا على سلطة المحاكم فى إعادة النظر فى مسائل تتعلق بالمسجونين فى جوانتانمو، وقيد السلطة التنفيذية فى اتخاذ تدابير قاسية أو غير إنسانية أو تنطوى على معاملة مهينة فى السجن أيا كان موقعة .
وبعد أربعة شهور من قضية Hamdan التى أقرت منها المحكمة العليا الأمريكية حق المتهم بالإرهاب فى الاستفادة من الضمانات الدستورية بشرط استخدام الوسائل القانونية صدر سنة 2006 قانون جديد للجان العسكرية بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها أمام هذه اللجان عند محاكمة الأجانب المتهمين كمحاربين أعداء بجرائم الحرب . ونص هذا القانون على عدم تطبيق قانون القضاء العسكري على هذه اللجان إلا فى الحالات التى ينص عليها. ونص على اعتبار اللجان العسكرية بمثابة محكمة تملك فقط محاكمة المحاربين الأجانب الأعداء، وأن اللجنة وان كانت كل الضمانات القضائية المعترف بها بهدف تطبيق المادة الثالثة المشتركة من اتفاقية جنيف، إلا أنه لا يجوز للمحارب العدو التمسك أمامها بحقوقه بناء على اتفاقية جنيف أثناء المحاكمة أمامها مع حق المتهم في الاستعانة بمدافع من المدنيين يلتزم بعدم إفشاء معلومات إلى أى شخص غير مصرح بها بتناولها، بالإضافة إلى حق المتهم فى الاستعانة بمدافع من العسكريين [43] .


21- (ثانيا) : مواجهة الإرهاب فى المملكة المتحدة:
يشار إلى أن المملكة المتحدة كانت من أكثر الدول الغربية التي قابلت موجات جسيمة من العنف. ويرجع ذلك في نظر البعض [44]إلى سببين هما:
الأول، العنف السياسى الذي مارسه سكان المستعمرات البريطانية قبل أن تتذوق طعم التحرير، والثاني، هو العنف السياسي الذي تصاعد في ايرلندا ضد اندماجها في المملكة المتحدة لمدة تزيد على ثلاثة قرون. وكان اقتطاع دولة ايرلندية حرة (الآن جمهورية ايرلندا) سنة 1922 إيذانا بتركيز الصراع مع ايرلندا الشمالية بما تخلله من عنف سياسى. وقد أصدرت المملكة المتحدة عددا من القوانين لمواجهة هذا العنف الذي تزعمه جيش الجمهورية المؤقتة لايرلندا منذ سنة 1970. وقد اتخذت هذه المواجهة في بداية الأمر الشكل العسكري الذي عرفته المملكة المتحدة مع مقاطعاتها القديمة. ومع ذلك، فإن تركيز المواجهة على الإستراتيجية العسكرية لم يجلب سوى المزيد من الدمار المصحوب بالعار من خلال الاعتقال بغير محاكمة وتعذيب المسجونين، يشار فيه إلى المواجهة الدموية التي حدثت فيما سمى بيوم الأحد الدموى Bloody Sunday سنة 1972. وقد أدى ذلك إلى إعادة الحكومة البريطانية بالنظر فى سياستها في هذا الشأن مما أدى إلى وضع نصوص خاصة في قوانين الطوارئ في الفترة من 1973 – 1998 تضمنت إجراءات جنائية خاصة من بينها المحاكمة بغير محلفين، ومنح الشرطة سلطات خاصة ، وإمكان الاعتقال بغير محاكمة (وهو ما توقف منذ سنة 1975). وفي عام 1974 صدر قانون لمكافحة الإرهاب سنة 1974 محتوياً نصوصاً مؤقتة، أستمر تطبيقها حتى سنة 2000، وذلك في أعقاب الهجوم بالقنابل الذي مارسه الجيش الايرلندي في برمنجهام مما أدى إلى سقوط كثير من الضحايا. وقد بدأت المملكة المتحدة في التفكير في سياسة أخرى لمواجهة الإرهاب منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار مع الجيش الايرلندي سنة 1994 الذي تم خرقه سنة 1996، بالإضافة إلى الحكم الصادر بأن توسيع سلطات الشرطة الذي تم سنة 1988 جاء مخالفا للمادة 15 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان [45]. لهذا بدأ إعادة النظر في قوانين مكافحة الإرهاب سنة 1996 بناء على تقرير اللورد Lloyd مما أسفر عن تعديل قانون مكافحة الإرهاب سنة 1998 عن طريق إدخال جزء كبير من مواد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية فى القانون البريطانى تضمن إلغاء النص المخالف للمادة 15 من هذه الاتفاقية ، إلا أن هذا التعديل لم يتضمن تغييرا أساسيا فى فلسفة قانون مكافحة الإرهاب. وفى عام 2000 صدر قانون مكافحة الإرهاب متضمنا نصوصا تواجه كلا من الإرهاب الايرلندى وغيره من أشكال الإرهاب الأخرى . وتخلى هذا القانون عن طابع التأقيت الذى كان يتميز به القانون السابق الذى يواجه الإرهاب الايرلندى .
وقد تضمن هذا القانون تعريفا للإرهاب تميز بالتوسع مما أدى إلى انطباق تعريف الإرهاب على ارتكاب أفعاله أو التهديد بها، وسواء وقع الإرهاب داخل المملكة المتحدة أو خارجها. وقد أدى هذا التعريف الواسع إلى توسعة سلطات الشرطة في مواجهة الإرهاب، وهو ما دفع البعض إلى وجوب التحقق من أن هذه السلطات ضرورية ومتناسبة

--------------------------------------------------------------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://youngarablawyers.yoo7.com
 
حكم القانون فى مواجهة الإرهاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أنا مع الإرهاب نزار قباني
» إعلان فيينا بشأن الجريمة والعدالة مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين
» جريمة الرشوة في القانون المصري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شباب المحامين العرب :: لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين :: كتب و ابحاث قانونيه Books and legal research-
انتقل الى: